الاثنين

تعلم حُسن الاختيار ...

تعلم حسن الاختيار وفنون الإبحار

في تلك الحياة بأمواجها المتلاطمة نحتاج من يعلمنا فن السباحة ويساعدنا على
العوم – ضد التيار غالبا – حتى نصل لبر الأمان ، وقد نجد من يأخذ بأيدينا حينا
ومن يتخلى أحيانا وهناك من يسعى لإغراقنا أو يعاون على ذلك بقصد أو بدون قصد ..

وقد علمتنا التجارب أن نحذر الآخرين أكثر مما نقبل عليهم أو نثق فيهم !! فرغم
أننا نحتاج لمن يسمعنا ويشاركنا أفراحنا وأحزاننا ويحمل عنا بعض همومنا إلا
أننا لا يجب أن نتسرع في اختيار هذا الشخص فقد يكون طوق نجاة تنقذنا من موقف أو
أزمة لكنه أيضا قد يمثل القيد الحديدي الذي يشدنا إلى الأعماق من حيث لا ندري ،
ونكتشف مع مرور الوقت أننا قد عشنا الوهم ، فبعد أن منحناه الحب والود والوقت
والاهتمام ورفعناه وأثرناه على أنفسنا نفاجأ بعد ذلك أن قدماه قد وطئت رؤوسنا !
فقد اعتاد أن يأخذ الكثير ولا يعطي إلا الفتات وقد لا يعطي شيئا ، وإذا اختلفت
الآراء فالخلاف يفسد للود كل قضية وإذا تعارضت المصالح فلا إيثار ولا تضحية ..

علمتنا الحياة أن الصداقة كلمة ساحرة قد تخفي وراءها خنجر مسموم لشخصية جبانة
أو مريضة بداء الخيانة ، والجبان هو الذي يفكر بساقيه فإذا واجهته مشكلة فإنه
يختار حلا واحدا من بين مئات الحلول وهو الهروب ، وهو الذي يتحصن ويرميك من
بعيد لأنه عاجز عن المواجهة تماما كاليهودي الذي يختبئ خلف مدرعته خوفا من حجر
بيد طفل .

قديما قالوا : احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ، ولا تصادق الخائن الذي
يبيعك عند أول فرصة سانحة ، الذي لا يستطيع أن يظل وفيا فترة أطول لأن الغدر
والخيانة في طبعه ، ولا تصادق الجبان الذي يطعنك من الخلف لأنه لا يجرؤ على
مواجهتك ، ولا تندم على خيانة صديق فربما أراد الله أن يكشف لك حقيقته ويقيك
شره .

من يجيد فن السباحة لا يجب أن يصادق أو يحب إلا في الله ، فلا تمنح حبك أو
صداقتك إلا لمن هو أهل لذلك ، ولا ترفع من لا يستحق فوق قدره حتى لا ينزلك دون
قدرك ، ولا تجامل أحدا على حساب نفسك فإذا لم تقدر ذاتك فلا تنتظر أن يقدرك أحد
، وإذا تنازلت وقبلت الإهانة فلن يصون أحد كرامتك ، وإذا صادقت أحدا لا يعينك
على طاعة الله فلا تلومن إلا نفسك .

الكيس الفطن لا يلجأ عند الشدائد والأزمات إلا لله وإذا واجهته مشكلة فلا يشكو
لكل من هب ودب بل يفكر بينه وبين نفسه ويدرسها ويبحث في أسبابها والعوامل التي
ساعدت على تفاقمها ثم يضع البدائل لحلها ويستخير الله حتى يصل إلى حل ، وإن كان
لابد من الاستشارة والفضفضة مع شخص ما فليكن أقرب الأقربين كالأب أو الأم أو
الزوج أو الابن الناضج أو الابنة الصديقة أو الأخ أو الأخت أو ذوي الاختصاص ،
أما من خرج عن هذه الدائرة فقد تنقذك مشورته حينا وقد تغرقك أحيانا !

هذه الحياة تحتاج لسباح ماهر قوي الإيمان واثق في ربه وفي نفسه يمشي بخطى ثابتة
نحو هدفه لا يضيع وقته في البحث عن صداقات زائفة ولا يملأ حياته بكثير من الناس
كغثاء السيل ، ولا يشغل فكره بفيض من القصص والحكايات والأحاديث التافهة ، ولا
يهدر جهده فيما لا يفيد ، فأحلامك وطموحاتك لا يحققها سواك وأقرب الناس إليك هم
أولى الناس بوقتك وجهدك وحبك واهتمامك


إنتقاها لكم أخوكم أبو عاصم

هناك 5 تعليقات:

  1. ابو فهد الجهني21 يونيو 2011 في 6:08 م

    كل الشكر لابي عاصم فلطالما اجاد وابدع اختيار اقرب الناس وهو الصديق موضوع مؤرق لان من تختاره سيكون مرءاة لك وكلنا يحب ان تكون صورته حسنه ويبحث عن الكمال المنشود وهيهات ولكن سددوا وقاربوا وبعض الناس تواجهه مشكلة مع اول صديق ومن ثم تصبح نظرته سوداوية وهذا خطأ وهناك من يتعرض لانواع المشاكل والخيانات ويحسن الظن وهذا خطأ والمؤمن كيس فطن ولعلك تحكم عقلك عند اختيار الصديق لاعاطفتك فهذا اسلم والاستشارة في هذا الباب مهمة وماخاب من استشار ولعل احدنا في هذا الباب يضع صفات مثاليةلاختيار الصديق لاتوجد حتى فيه فيتعب ويتعب.
    ومضه:شاور سواك إذا نابتك نائبة
    يوماوان كنت من اهل المشورات

    ردحذف
  2. أشكرك أبا عاصم مقدما:
    وأريد أن أنبه أن الحذر من الصديق لابد أن يكون في الاختيار(وهذا ما أشار إليه أبو فهد) وأرى أن القواعد المنثورة في الكلام السابق إنما هو في اختيار الصديق؛ لأنه لا يعقل ولا يتصور أن يعيش الإنسان مع صديق غالب حياته شكوك واختبارات لصديقه، فإذا كان هذا حاله فما هو الوقت الذي بقي لكي تعيش مع صديقك حياة سعيدة طيبة،،،
    وأترك لكم التفكير في الباقي تفكيرا إيجابيا يتخلله الإخلاص والإحسان،،
    ومضة العودة:الطاعة التي تقدر أن تفعلها الآن لا تؤجلها للغد، والمعصية إذا دعتك نفسك إليها فاستطعت تركها فاتركها فلا خير فيها؛ فإن ألحّت نفسك فأجّلها وسوِّف وأخّر فربما حيل بينك وبينها و(في سلة السيف فرج).
    محبكم،،،،

    ردحذف
  3. ان اختيار الرفقة الصالحة تساعدعلى كسب كل خلق كريم وادب رفيع وهذا ماقصده الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى قوله(الرجل على دين خليله) لذلك يجب ان يتصف صديقى الذى اختاره بالدين وحسن الخلق حيث ان الصديق يؤثر فى صديقة في كل شي ويترك له اثر.

    ردحذف
  4. كـيـــــوت...7 يوليو 2011 في 6:28 م

    اشكرك ابا عاصم كل الشكر
    وهنالك مثل اخر يقول “ان كنت تبحث عن صديق بلا عيوب فعش وحيدا” , اي بمعنى انه لا يمكن نجد اصدقاء بلا عيوب , لكن هنالك عيوب يمكن ان نتغاضى عنها وهنالك عيوب يجب ان ننظر اليها بجديه حين نكتشفها حتى لا نتضرر.
    كما قال الشاعر
    صاحب صديقك واحضر من مكايده...فربما شرق الانسان بالماء

    ردحذف
  5. من آداب الصاحب: أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها
    ومن جملة الآدابأيضا :
    ـ أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.
    ـ أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله
    ـ أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس.
    ـ أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار.
    ـ ألا يسيء به الظن. قالعليه الصلاة والسلام : { إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث } [رواه مسلم].
    ـ أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح.

    ردحذف

شاركنا بتعليقك ...

رسائل الجوال

قالوا الوسادة تحمل رأس الغني والفقير والصغير والكبير والحارس والأمير لكن لا ينام عليها بعمق إلا مرتاح الضمير