الاثنين

أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟

وَقَالَ شيخ الإِسلام أبو العباس تقى الدين ابن تيمية قدس الله روحه :

فى قوله تعالى: { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [1]، قد ثبت في صحيح مسلم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة، قال: لما أنزل الله: { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ } اشتد ذلك على أصحاب النبي ، فأتوا رسول الله ثم بَرَكُوا على الركب، وقالوا: أي رسول الله! كُلِّفْنَا من العمل ما نُطِيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة؛ وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، فقال رسول الله : «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير»، فلما قرأها القوم وذَلَّتْ بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [2] فلما فعلوا ذلك نسخها الله، فأنزل الله: { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } قال: «نعم»، { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا } قال: «نعم»، { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } قال: «نعم»، { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [3]، قال: «نعم».

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس معناه، وقال: «قد فَعَلْتُ، قد فَعَلْتُ»، بدل «نعم».

ولهذا قال كثير من السلف والخلف: إنها منسوخة بقوله: { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } ، كما نقل ذلك عن ابن مسعود، وأبى هريرة، وابن عمر، وابن عباس في رواية عنه، والحسن، والشَّعْبِى، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء الخراسانى، والسُّدِّىّ، ومحمد بن كعب، ومقاتل، والكلبى، وابن زيد، ونقل عن آخرين أنها ليست منسوخة، بل هي ثابتة في المحاسبة على العموم، فيأخذ من يشاء ويغفر لمن يشاء، كما نقل ذلك عن ابن عمر، والحسن، واختاره أبو سليمان الدمشقى والقاضى أبو يعلى، وقالوا: هذا خبر، والأخبار لا تنسخ.

هناك 5 تعليقات:

  1. اللهم إني أسألك العزيمة على الرشد4 أبريل 2011 في 10:34 م

    ما أحلاها حينما تأتي في ليل دامس وحدك وتقرأ (لا يكلف الله نفسا....)الآية، وتتبع هذه القراءة بدمعة صادقة إلى رب رحيم لطيف بعباده ودود/أقول لكم افعلوها وستجدون في قلوبكم من الاحساس العظيم الذي لا يوصف، وما ذاك إلا لأنه كلام رب الأرباب/،،،،

    ردحذف
  2. اضافه بسيطه..

    إن كثيرًا من الناس أخذ هذه الآية حجة وذريعة له في كثير من أمور التكاليف،

    فترى الواحد منهم مثلا إن كان مريضًا يشق عليه أمر الصلاة على هيئة قال: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) فيترك الصلاة

    وشاع استعمال هذه الآية في غير موضعها فإذا بكثير من يتركون الواجبات ويتقاعسون عن الفرائض والطاعات متذرعين بهذه الآية

    فجهل هؤلاء الناس لكثير من أمور الأحكام كان سببًا في هلاكهم ، وما ذلك إلا لتكبرهم عن طلب العلم والتعلم ، فنسأل الله السلامة والنجاة


    شكر الله لك على ماكتبت ايها المشرف...

    ردحذف
  3. أشكر الأخ على تعليقه الجميل
    وكذلك أشكر الأخ أبو فهد
    وزاد الله الجميع حرصاً ووفقنا لكل خير

    ردحذف
  4. ابوفهد الجهني9 أبريل 2011 في 1:22 ص

    ارجو التفريق بين ابوي فهد الرشيدي والجهني

    ردحذف
  5. بكتابتك (الجهني) فرقت بين الشخصيتين يا صاحب التعليق.

    ردحذف

شاركنا بتعليقك ...

رسائل الجوال

قالوا الوسادة تحمل رأس الغني والفقير والصغير والكبير والحارس والأمير لكن لا ينام عليها بعمق إلا مرتاح الضمير