الثلاثاء

الكتابه المثمرة




الكتابة المثمرة

دائما ما يُلام المفكرون أو كل من اعتلى منبر الكتابة بأنهم يسبحون في فضاءات
الفكر منفصلين عن الواقع العملي, و أنهم لا يجيدون إلا القول و طرح المشكلات
نائين عن طرح الحلول العملية, كمن يزرع بذرة دون أن تُنبت بذورهم أشجاراً
مثمرة!

لا شك أن للكلمة دورها الكبير الذي لا يًستهان به في التأثير و تحريك الجماهير,
فالإمام حسن البنا أسس جماعته بعد سلسلة من الخطابات التي حرّك بها قلوب
الشباب, و هتلر لم يعتلِ منصب الحكم إلا بعد أن جال البلاد خطاباتٍ ثورية حركت
الشعب وراءه..

و الأمثلة في هذا المجال تكثر, مما علمنا و ما لم نكن على علم به..

لكن القارئ الناقد - و إن أثخن في عتابه - لم يجاوز الحق كثيراً إن المشكلة
هنا مزدوجة..

فالكاتب الغيور يأبى أن تبقى الكلمة حبيسة مشاعره فيخرجها كلماتٍ و يحمّلها
آماله في أن تثمر, والقارئ المتلهف يُصاب بخيبة الأمل في كل مرة يقرأ فيها
مقالاً على أمل أن يجد الحل للهم الذي أرقه هو أيضاً

إن الكاتب اتجه للكتابة لأنه في كثير من الأحيان لا يملك سلطة التغيير لكنّه
يؤمّل خيراً في أن ينجده قارئ بالحل الذي لم يستطع إليه سبيلاً,, و لو صدق
الكاتب همّه لأثمرت..

إن الكاتب الذي يكتب كلماته بمداد من دمعه و دمه هو من نؤمّل التغيير في
كتاباته وهو ما عناه الشيخ عبد الله عزام حين قال:

"إن كلماتنا ستبقى ميتةً لا حراك فيها هامدةً أعراساً من الشموع ، فإذا متنا
من أجلها انتفضت و عاشت بين الأحياء ، كل كلمة قد عاشت كانت قد اقتاتت قلب
إنسان حي فعاشت بين الأحياء ، و الأحياء لا يتبنون الأموات"

و عبّر عنها سيد قطب بقوله:

"إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح وكتبت
لها الحياة"

لا ألوم الكاتب الذي حمّل الكلمة همّه و أمّل خيراً في كاتبه إذ ضعفت حيلته, و
لا ألوم القارئ المتعطش للحل..

كلاهما جزء من الحل و جزء من المشكلة لماذا لا تتشكل المجموعات التي تتبنى
مناقشة هذه المشكلات المطروحة لتصل إلى حلول عملية؟

للقارئ أن يلوم الكاتب الذي طرح المشكلة بدون حل, لكن الكاتب يُلام أيضاً إذا
صمت و لم ينكر المنكر بلسانه, و القارئ مطالب أن يُعين الكاتب في إيجاد الحل و
يلخص كل ذلك كريم الشاذلي في مقدمة كتابه "أفكار صغيرة لحياة كبيرة":

"إن الكتابة عمل ثنائي يشترك فيه قلم الكاتب مع عقل القارئ لينتج معادلة
النجاح, فإذا ما فشل أحدهم في مهمته فقد فشلت المهمة برمّتها.

لعل هذا ما يجعلني متحيزاً بشدة لما يسمّى كتب التأملات, و التي تتيح للقارئ
مساحة يغلق فيها عينيه و يسبح مع الفكرة المجردة في فضاء الفكر لتنضج لديه حساً
و شعوراً و عقلاً و إحساس"

ريم مصطفى العيلة


إنتقاها لكم أخوكم أبو عاصم

هناك تعليق واحد:

  1. إن الكتابة عمل ثنائي يشترك فيه قلم الكاتب مع عقل القارئ لينتج معادلة
    النجاح, فإذا ما فشل أحدهم في مهمته فقد فشلت المهمة برمّتها.

    لا يعني هذا أن نقلل من شأن الكلام(وقد بينه الكاتب في أول كلامه) لكني أرى أن الكلام والمواعظ ليست بأقل من الكتابة فإننا نستطيع أن نقول لسان المتكلم وعقل المستمع ثنائي ينتج النجاح....إلخ
    فمن وجهة نظرى أن هناك أناسا يصلحون للكلام أكثر من إصلاحهم بالكتابة و كذلك هناك أناس يصلحون بالكتابة أكثر من صلاحهم بالكلام،،،
    ومثال ذلك فقيد الأمة وابن قيم عصره الشيخ بكر أبو زيد فقد اشتهر بالكتابة ولم ينقل عنه ولو مرة واحدة أنه تكلم أو ألقى محاضرة//
    ومضة العودة:في كل جمعة وقفة اعتبار مع سورة الكهف "وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا".. تأمل الألفاظ الأربعة لتستيقن من سنة الله: القرى (الدول) .. الهلاك (النتيجة).. الظلم (السبب الأوحد).. الموعد (الأجل المحتوم)!
    محبكم،،،،

    ردحذف

شاركنا بتعليقك ...

رسائل الجوال

قالوا الوسادة تحمل رأس الغني والفقير والصغير والكبير والحارس والأمير لكن لا ينام عليها بعمق إلا مرتاح الضمير