الثلاثاء

تعال نختلف.. ولا أقصد هنا الخلاف الحاصل بين الأشخاص الذين تسلط عليهم الشيطان , وضعفت عقولهم , فأصبحوا يهجرون السنين الطوال لأجل خطأ تافه , أو بدون خطأ – وهو الأكثر

تعال نختلف ل عادل بن عبدالعزيز المحلاوى
من خلال سبري لأمور الناس حولي وما يدور في مجالسنا وجدت أننا نعيش خلافاً على جميع المستويات , ولا أقصد هنا الخلاف الحاصل بين الأشخاص الذين تسلط عليهم الشيطان , وضعفت عقولهم , فأصبحوا يهجرون السنين الطوال لأجل خطأ تافه , أو بدون خطأ – وهو الأكثر – بل لمجرد الأوهام .

وإنما قصدت هنا الخلاف الذي ينشب كثيراً بين أصحاب المجلس الواحد , أوفي موقف من المواقف , أو رأي من الآراء , وتتعال الأصوات انتصاراً لهذا الرأي , وبرهاناً على صحة القول , والخلاف أمراً أراه طبيعياً لاختلاف المفاهيم والعقول .

ولكن الأمر الغير طبيعي أن يكون هذا الخلاف سببٌ لوغر الصدور, والنفرة بين الأصحاب , وربما كان سبباً للقطيعة الطويلة والهجران , أو على أقل تقدير أن يكون في النفس شيء على الأخوان أو تسفيهاً لرأيهم , ولذا كان أصحاب العقول الكبيرة لا يكترثون بهذا الخلاف .

وأذكر في هذا المجال اثنان من أحبابنا متآخين منذ أكثر من عشرين عاماً – أدام الله مودتهم وثبتها – وحينما يكونون بيننا في المجلس نراهم من أشد الناس خلافاً في الآراء , ومع ذا فلا يخرجون من المجلس إلا سوياً , وامتدت – وما زالت - علاقتهم هذه السنين الطوال وما ذاك إلا لكمال عقولهم .

إن أعظم شيء يفعله المرء عند الخلاف هو التنازل عن بعض الرأي , وعدم التعصب المقيت له , وكم من رأي وطريقة كنا نظنها هي الأنسب في هذا المقام ومع تقدم الزمان واكتساب الخبرة في الحياة تبين لنا خلاف ذلك .

ونقطة أخرى مهمة لو نظرنا في اختلافنا نجده في الغالب على أمور تافه يمكننا حلها دون مشاكل , أو خلاف في أمور نحن بعيدين كل البعد عن إصدار قرار لها سواء كان في الشأن السياسي أو الاجتماعي أو غيرها مما هو متعلق في الأمور العامة , ومع ذا تجد أننا نختلف ونتخاصم وليس بأيدينا تطبيق أي حل نطرحه .

أخي... سأذكر لك نماذج للخلاف يمكن قياس غيرها عليها .

على المستوى العام

تعال نختلف على أن المسلمين أنما أصابهم الذل والهوان بسبب كذا وكذا , ولكننا نتفق في النهاية أنهم في مؤخرة الركب , وهم بحاجة لرفع الذل عنهم .

تعال نختلف على أي الطرق مناسب للتغير في المجتمع المدني أو على المستوى الأسري – بين الزوجين - ولكننا نتفق أننا بحاجة للترقي على جميع المستويات .

تعال نختلف في أن الوضع المعيشي في هذه السنة أغلى منه في العام الذي قبله ولكننا نتفق أن كلا العامين زاد فيهما الغلا .

تعال نختلف على أننا ينقصنا كذا وكذا حتى نصلح أحوالنا , ولكننا نتفق أننا بحاجة للإصلاح .

وعلى المستوى الفردي

تعال نختلف على أن الجهاز كذا أفضل من جهاز كذا , ولكننا نتفق أن كلاهما جيد .

تعال نختلف أن البلد الفلاني أجمل من البلد الفلاني ولكننا نتفق أن كلا البلدين جميل .


تعال نختلف ونحن في سفر على أن المتعة والنزهة أن نذهب إلى مكان كذا أو مكان كذا , ولكننا نتفق أننا بحاجة للنزهة


بل تعال نختلف على أنه بيننا خلاف , ولكننا نتفق أنه موجود وبحاجة للحلول .

إذاً آلا ترى يا صديقي أننا نستطيع أن نتفق ؟
انتقاها لكم أخوكم أبو فهد الجهني

هناك 5 تعليقات:

  1. سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب **** وإن كثرت منه علي الجرائم
    وما الناس إلا واحد من ثلاثة **** شريف ومشروف ومثل مقاوم
    فأما الذي فوقي فأعرف قدره **** واتبع فيه الحق والحق لازم
    وأما الذي دوني فإن قال صنت عن **** إجابته عرضي وإن لام لائم
    وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا **** تفضلت، إن الفضل بالحلم حاكم

    ردحذف
  2. صراحة كلام جميل خصوصاً..
    إن أعظم شيء يفعله المرء عند الخلاف هو التنازل عن بعض الرأي , وعدم التعصب المقيت له , وكم من رأي وطريقة كنا نظنها هي الأنسب في هذا المقام ومع تقدم الزمان واكتساب الخبرة في الحياة تبين لنا خلاف ذلك .

    ردحذف
  3. الاختلاف موجود وحاصل لا محالة وخصوصا في مسائل الدين وهذه نعمة من نعم الله الكثيرة فلك الحمد يا الله والشكر، فما دام أن الخلاف حاصل لا محالة فاطرح الظنون بأخيك المسلم، واحترم آراؤه لأنها لها قيمة ولها أثر في نفسه، ومع ذلك أردت أن أنبه أن من احترام الآراء ألا تفعل شيئا ترى أنه لا بأس به وغيرك لا يرضاه فهذا من أعظم الإهانة للشخص الآخر وعدم الاكتراث لآراءه وأفكاره،،،،
    أشكرك أبا فهد على هذا الموضوع الجميل والرائع والمهم في نفس الوقت،،
    محبكم،،،،،

    ردحذف
  4. عفواً تصحيح كلمة:
    واحترم آراءه
    لأن آراءه: مفعول به

    ردحذف
  5. واحد من الناس29 أبريل 2011 في 6:37 م

    اذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
    فعش واحدا أو صل أخاك، فأنه مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
    أذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
    ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه

    ردحذف

شاركنا بتعليقك ...

رسائل الجوال

قالوا الوسادة تحمل رأس الغني والفقير والصغير والكبير والحارس والأمير لكن لا ينام عليها بعمق إلا مرتاح الضمير